تشهد أسعار الكاكاو ارتفاعًا غير مسبوق، حيث تجاوزت حاجز 10,000 دولار أمريكي للطن المتري، ما يعكس أزمة إمدادات متفاقمة تضرب صناعة الشوكولاتة العالمية.
ويأتي هذا الارتفاع في ظل قرارات استراتيجية من أكبر منتجي الكاكاو في العالم، ساحل العاج وغانا، التي ساهمت بشكل كبير في هذا الوضع المتأزم.
في خطوة غير متوقعة، أوقفت ساحل العاج، أكبر منتج للكاكاو في العالم، صادراتها لشهر يونيو وعلقت المبيعات الآجلة للموسم المقبل.
تزامن ذلك مع تقارير تشير إلى أن غانا، ثاني أكبر منتج للكاكاو، قد تؤجل تسليم ما يصل إلى 350,000 طن من الحبوب للموسم القادم بسبب تدهور المحاصيل.
هذه القرارات أدت إلى ارتفاع كبير في أسعار الكاكاو هذا العام، إذ تضاعف السعر مقارنة بالعام السابق ليصل إلى 10,308 دولار للطن في بورصة ICE بنيويورك.
وأشار أحد التجار إلى أن المحاصيل المنخفضة من ساحل العاج وغانا، والتي تقل بنسبة 30% عن العام السابق، تشكل “مشكلة كبيرة” للسوق.
تواجه الصناعة نقصًا في الحبوب لتلبية الطلب المتزايد، مع عدم وضوح كيفية تعويض هذا النقص في المستقبل القريب.
وقد أوقفت ساحل العاج صادرات الكاكاو لشهر يونيو للحفاظ على مخزون كافٍ للمصنعين المحليين، مما يزيد من الضغوط على السوق العالمية.
هذا الوضع يثير مخاوف كبيرة بين الشركات متعددة الجنسيات مثل Cargill، باري كاليبو، CEMOI، وOlam، التي تعتمد بشكل كبير على شحنات الكاكاو من ساحل العاج.
من المحتمل أن تتجه هذه الشركات إلى البحث عن مصادر بديلة للكاكاو، وهو ما قد يكون صعبًا في ظل الظروف الحالية.
كما علقت ساحل العاج المبيعات الآجلة لمحصول الموسم المقبل، حيث بلغ حجم المبيعات 940,000 طن متري فقط، أي أقل بنسبة 35% عن العام السابق.
تنتظر الدولة تقديرات إنتاج أوضح قبل استئناف المبيعات، ما يزيد من حالة عدم اليقين في السوق.
في المقابل، تدرس غانا ترحيل 350,000 طن من الفاصوليا بسبب عدم اليقين في توقعات المحصول، حيث لم تبع سوى 100,000 طن آجلًا لموسم 2024/25، وهو رقم ضئيل مقارنة بالكمية المعتادة التي تتراوح بين 750,000 و850,000 طن.
في ظل هذه الظروف، يشير المحلل لدى StoneX فلاديمير زينتك إلى أن إنتاج الكاكاو الجديد من دول خارج أفريقيا، مثل البرازيل والإكوادور، سيستغرق سنوات لدخول السوق وتغطية العجز الحالي.
ويؤكد على أن السوق تعاني حاليًا من نقص حاد في الحبوب، ومن غير المرجح أن يتحسن الوضع قريبًا.
إلى جانب الكاكاو، شهدت السلع الخفيفة الأخرى زيادات في الأسعار أيضًا.
ارتفع سعر السكر الخام لشهر يوليو بنسبة 2.6% ليصل إلى 19.59 سنتًا للرطل، وسعر السكر الأبيض لشهر أغسطس بنسبة 2.3% ليصل إلى 567.40 دولارًا للطن.
كما تباينت أسعار البن، حيث أغلقت أسعار البن الروبوستا لشهر سبتمبر على ارتفاع طفيف عند 4093 دولارًا للطن، وارتفعت أسعار البن العربي لشهر سبتمبر بنسبة 0.6%، ليصل إلى 2.2625 دولارًا للرطل.
إن هذه الزيادات في أسعار السلع الأساسية تعكس تحديات كبيرة تواجه الأسواق العالمية، وتسلط الضوء على مدى تعقيد وتداخل العوامل المؤثرة في الاقتصاد العالمي.
يظل السؤال الأكبر هو كيفية تكيّف الشركات والمستهلكين مع هذه التغيرات، في ظل تزايد عدم اليقين في الأسواق.