يشهد المجتمع البريطاني تحولاً كبيراً مع إعلان إلغاء نظام “غير المقيمين” الذي سمح للأثرياء الأجانب بتجنب دفع الضرائب على دخلهم من الخارج، حيث من المقرر أن يبدأ تطبيق هذا التغيير في أبريل/ نيسان 2025.
هذا النظام، الذي لطالما جذب الكثير من الأثرياء للاستقرار في بريطانيا، سيصبح جزءًا من الماضي، مما يدفع العديد منهم للبحث عن بدائل جديدة.
تأثير الإلغاء على الأثرياء الأجانب
تزايدت أعداد الأثرياء الأجانب الذين يخططون لمغادرة المملكة المتحدة نتيجة لهذا التغيير.
وفقاً لتقارير صحيفة فايننشال تايمز، فإن أكثر من اثنتي عشرة مقابلة أجريت مع أثرياء أجانب ومستشاريهم أظهرت أن هذا القرار كان السبب الرئيسي لتراجع جاذبية المملكة المتحدة لهم.
وأشاروا إلى أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وعدم الاستقرار المالي والسياسي، والمخاوف الأمنية هي عوامل إضافية تزيد من رغبتهم في الرحيل.
تصريحات الأثرياء المتضررين
عبّر رجل أعمال ملياردير، يعيش في لندن منذ 15 عاماً وينقل الآن إقامته الضريبية إلى أبو ظبي، عن استيائه قائلاً: “حدث خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ووعد المحافظون بجعل المملكة المتحدة مثل سنغافورة، وبدلاً من ذلك حولوا هذا المكان إلى بيلاروسيا”.
وأضاف: “أصبح الأمن الآن قضية رئيسية وعاملاً آخر إلى جانب الأسباب الضريبية وراء رغبة الناس في المغادرة”.
القرار السياسي وأثره الاقتصادي
في مارس/ آذار، استعان وزير الخزانة البريطاني جيريمي هانت بإحدى السياسات المالية الرئيسية لحزب العمال المعارض عندما أعلن إلغاء نظام غير المقيمين.
يتمثل هذا النظام في عدم دفع غير المقيمين لضريبة على أرباحهم في الخارج، بينما يخضعون للضريبة على دخلهم في المملكة المتحدة.
يقول أنصار النظام إن غير المقيمين يجلبون المهارات والوظائف والاستثمارات إلى بريطانيا.
ردود الأفعال المتباينة
أبدى رجل أعمال أوروبي غير مقيم في الخمسينيات من عمره، والذي ينقل عائلته من لندن إلى سويسرا بعد أكثر من عقد من الزمن في المملكة المتحدة، رأيه قائلاً: “إن ضريبة الميراث التي تفرضها المملكة المتحدة بنسبة 40% على أصولك العالمية تمثل مشكلة حقيقية”.
وأضاف: “إن عدم الاستقرار العام هو الذي كان بمثابة المسمار الأخير في النعش بالنسبة لي.
لو كانت هناك ضريبة ميراث أكثر توازناً وأقل عقاباً، ربما كنت سأفكر في البقاء”.
التوجه السياسي وتأثيراته المستقبلية
بينما يسعى زعيم حزب العمال كير ستارمر إلى وضع حزبه كـ”حزب خلق الثروة”، فإن التغييرات المقترحة في نظام الضرائب على الأثرياء غير المقيمين تعد واحدة من عدة زيادات ضريبية محتملة في ظل حكومة حزب العمال المقبلة.
هذا التوجه يثير قلق الأثرياء ويجعلهم يعيدون التفكير في مستقبلهم المالي والضريبي في بريطانيا.
في النهاية، يبدو أن إلغاء نظام “غير المقيمين” سيترك تأثيراً كبيراً على التوازن الاقتصادي والاجتماعي في بريطانيا، مما يجعلها أقل جاذبية للأثرياء الأجانب ويعزز من تحدياتها الاقتصادية في المستقبل القريب.