يبدو أن هناك تحولاً حاسماً يقترب في السياسة النقدية الأمريكية، حيث يتفق مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي على أن الوقت قد يكون مناسباً لبدء خفض أسعار الفائدة.
الأسواق المالية تتوقع بالفعل تخفيضاً بمقدار ربع نقطة مئوية في الاجتماع القادم للجنة السوق المفتوحة الفيدرالية، مما يعكس تزايد القناعة بأن هناك حاجة لتحفيز الاقتصاد.
ومع ذلك، فإن هذه المرحلة المقبلة من السياسة النقدية ستكون مليئة بالتحديات، حيث يواجه الفيدرالي معضلة في كيفية التعامل مع تضخم لا يزال يشكل تهديداً من جهة.
ومن جهة أخرى الحاجة لمنع تدهور سوق العمل. يجب أن يتم خفض تكاليف الاقتراض في الوقت المناسب وبالوتيرة المناسبة لتجنب التأثيرات السلبية على التوظيف.
تشير التحليلات إلى أن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي لا ينظرون فقط إلى الخطوات الأولى في خفض الفائدة، بل يخططون لاستراتيجية شاملة تمتد للأشهر الستة إلى التسعة القادمة.
الهدف هو الوصول إلى توازن بين إدارة المخاطر التي قد تواجه الاقتصاد نتيجة الصدمات المحتملة.
إدارة المخاطر ليست بالأمر السهل. فمع تراجع التضخم، ارتفعت أسعار الفائدة الحقيقية حتى مع بقاء الفائدة الأساسية عند مستويات مرتفعة لفترة طويلة.
هذا أدى إلى تباطؤ في خلق فرص العمل وهدوء في معدلات التضخم، مما جعل لجنة الفيدرالي منقسمة حول المخاطر الأكبر التي يجب التعامل معها.
هناك من المسؤولين من يرون ضرورة التحلي بالحذر وعدم التسرع في خفض الفائدة، حيث يرغبون في رؤية أدلة أكثر وضوحاً على استقرار الأسعار.
ويشيرون إلى علامات مرونة في سوق العمل مثل عدم ازدياد معدلات تسريح العمال بالرغم من تباطؤ التوظيف.
على الجانب الآخر، هناك مجموعة أخرى تعبر عن قلقها من تباطؤ سوق العمل أكثر من اللازم، ما قد يؤدي إلى ركود اقتصادي.
بالنسبة لهذه المجموعة، فإن المحافظة على سوق عمل قوية يعد أمراً حيوياً للاستمرار في رفع الأجور وحماية القوى العاملة من آثار التضخم.
في النهاية، يبدو أن الفيدرالي يسير على حبل مشدود بين متطلبات الحفاظ على استقرار الأسعار وضرورة حماية سوق العمل من التدهور، مما يضعه أمام تحديات كبيرة في الشهور القادمة.